المستشار الإعلامي الأسبق للمخلوع : ضباط مخابرات من دولة مجاورة نسقوا لإطاحة البشـــير

الخرطوم : عين السودان

قال المستشار الصحفي الأسبق للرئيس المخلوع (أبي عز الدين)، إن أكبر من يستفيد من سقوط حكومة الإنقاذ الإسلاميون وشركاؤهم من الاحزاب التي كانت معها في الحكم، للتخلص من رموز الفساد ومحاكمة كل من كانت تحوم حولهم شبهات الثراء دون وجه حق، واكد ان هذه أكبر خدمة تقدمها الثورة للإسلاميين والأحزاب التي كانت حاكمة، وأضاف قائلاً: (من أفضال ثورة ديسمبر وانقلاب أبريل على الإسلاميين وشركائهم، أنها أثبتت أن هناك رجالاً وسيدات أصحاب قضية، وليسوا مجرد ملتصقين بأستار السلطة)، وحذر ابي من ان المتسلقين سيحاولون تسلق الاحزاب الحاكمة وسينتمي لها المتعشمون في السلطة، وستصاب بنفس أمراض الأحزاب التي تبادلت معها الكراسي. وأكد ابي في هذا الحوار مع (الإنتباهة) ان الأذى الأكبر في صراعات المؤتمر الوطني كان في انشغال المنتفعين بصراعات النفوذ، بدل أن تكون صراعات فكرية مثل الماضي، وصراعات تباين في الرؤى الاقتصادية والاجتماعية لإدارة شأن الدولة.
• كيف تري الواقع بعد مرور عام على سقوط نظام الإنقاذ؟
ــ من الواضح بعد مرور عام على انقلاب 11 أبريل أن شعار (تسقط بس) لم يكن شعاراً ناضجاً يمكن به بناء دولة أو حتى المحافظة عليها، وكان لا بد أن تكون هناك رؤية وكوادر ناضجة نفسياً من الأكفاء لتنفيذ هذه الرؤية وصنع السياسات وإدارة كافة شؤون الدولة.
والآن تتكرر شعارات إسقاط حكومة تجمع المهنيين الفاشلة والفاسدة هذه، ولكن لا ينبغي أن (تسقط بس)، علينا السؤال: ثم ماذا بعد سقوط حكومة (قحت) وتجمع المهنيين الشيوعيين.
• ماذا استفدت من تداعيات السقوط؟
ــ كان لا بد للإنقاذ أن تسقط، فكم نادينا في مقالاتنا وتصريحاتنا في ما مضى، بضرورة اللحاق بإنقاذ البلاد وإنقاذ الإنقاذ نفسها، من قبضة الفاسدين المتنفذين في القطاع الاقتصادي وشرايين التنفس في البلاد، سواء كان فساداً إدارياً أو مالياً، متعمداً أو لضعف قدرات القائمين عليه، أو لعمالة موثقة لصندوق النقد الماسوني، وكان من المريب أن يصرح بعض المسؤولين بأن دول الغرب تستهدفنا لإسقاط تجربة الحكم في السودان، ثم يأتي نفس المسؤولين ليتحدثوا عن تنفيذ وصفات اقتصادية ومعيشية لنفس مؤسسات الغرب الذي يستهدفنا، فالتناقضات كانت كبيرة بين الشعارات والتطبيق على أرض الواقع، والآن يكرر حكام اليوم من المكون المدني نفس الخطأ، وتسقط عنهم وعن شعاراتهم أوراق التوت واحدة واحدة.
• البعض يتحدث عن مؤامرة داخلية عجلت بسقوط النظام؟
ــ بكل تأكيد، هناك مؤامرة داخلية وخارجية، ولكن هل كانت هذه المؤامرة لما فيه خير الدين والوطن والشعب، أم كانت لمصلحة فئة معينة وشلة معينة من الأحزاب، ولكن يبدو جلياً أن نوايا الثائرين الحقيقيين في الشارع كانت تختلف تماماً عن نوايا من تسلقوا الثورة وتربعوا على كراسي الحكم دون أية مؤهلات حقيقية، وهناك مسرحية واجهة الحزب الشيوعي المسماة (تجمع المهنيين) التي خدعت الكثيرين آنذاك من البسطاء الذين لا ينتمون لأي حزب، ولكن يريدون الصلاح لبلادهم فحسب.
• هذه المؤامرة قادها صلاح قوش؟
ــ يتضح من تصريحات قيادات أحزاب الحرية والتغيير، أن التنسيق كان على مستوى عالٍ مع اللجنة الأمنية كلها، وليس مع الفريق الذي يدير جهاز الأمن والمخابرات فقط، بل أن هناك فرقاء في الجهاز في دولة خليجية مجاورة كانت لديهم أدوارهم الإيجابية الواضحة كذلك تجاه المشهد، والانقلاب كان لا بد منه، لحفظ أمن الوطن من الفتن الدموية وقبلها من الفساد الاقتصادي، ولكن بعد انقلاب اللجنة الأمنية فشل الناشطون في حكم البلاد رغم سيطرتهم الكاملة على كل الوزارات، دون منازع، ودون حتى إشراك القوى الفاعلة في حركات الكفاح المسلح، وصاروا يسعون لتنفيذ أجندة آيديولوجية فاسدة متعلقة بأحزابهم وبإقصاء كل من له علاقة بالدين الإسلامي وتغيير المناهج وعلمنتها للأجيال القادمة، وذلك حين عجزوا تماماً عن معرفة كيف يمكن إدارة دولة بحجم السودان.
• البعض يشير إلى أن الإسلاميين استفادوا من هذه التجربة؟
ــ بلا شك سيستفيد الإسلاميون من هذه التجربة، علماً بأن حكومات الإنقاذ المتعاقبة لم تكن من أولئك الإسلاميين المعتدلين فقط، وإنما كانت فيها أحزاب كثيرة نالت حصتها طوال السنوات، بما فيها مشاركة الحزب الشيوعي لست سنوات في برلمان الإنقاذ بقرار من البشير نفسه ودون انتخابات، وأعتقد أن أكبر ما سيفيد حكام الأمس سواء الإسلاميين أو شركائهم من أحزاب كبيرة، هو التخلص من رموز الفساد ومحاكمة كل من كانت تحوم حولهم شبهات الثراء دون وجه حق، وهذه أكبر خدمة تقدمها الثورة للإسلاميين وللأحزاب التي كانت حاكمة، بل هي منطلق قوي للمشاركة في انتخابات 2022م بدون التركة الثقيلة التي رماها بعض المتنفذين السابقين على كاهل إخوانهم، والذين مازالوا متمسكين بقضيتهم وانتماءاتهم بكل فخر وصمود، وخاب ظن من ظنوا أنهم مجرد اتحاد اشتراكي سيختفي بمجرد سقوط الكرسي عن البشير وصحبه، ومن أفضال ثورة ديسمبر وانقلاب أبريل على الإسلاميين وشركائهم، أنها أثبتت أن هناك رجالاً وسيدات أصحاب قضية، وليسوا مجرد ملتصقين بأستار السلطة، والآن جاءت أحزاب أخرى للحكم دون انتخابات، ولكن سيتعلق بها المتسلقون وسينتمي لها المتعشمون في السلطة، وستصاب بنفس أمراض الأحزاب التي تبادلت معها الكراسي، وحين تأتي الانتخابات المقبلة سيكون الجميع متساوين تقريباً في نسبة الأمراض التنظيمية وسط العضوية، وتستمر لعبة الكراسي.
• صراعات داخلية هي التي أسقطت الحكم؟
ــ الصراعات الداخلية للمؤتمر الوطني بعضها كان بين الحق والباطل، وأغلبها كان بين الباطل والباطل، فلم تستطع مجموعات الإصلاح والتطوير في الحزب أن تفرض رؤاها الإصلاحية، بل عانت من الإقصاء والتهميش، (وربما حتى اليوم)، ولكن الأذى الأكبر كان في انشغال المنتفعين بصراعات النفوذ، بدل أن تكون صراعات فكرية مثل الماضي، وصراعات تباين في الرؤى الاقتصادية والاجتماعية لإدارة شأن الدولة.
• ماذا يعني لك يوم (11) أبريل، يوم انتهاء امد حكومة البشير؟
ــ يوم 11 أبريل 2019م كنت أتوقعه، وكتبت قبله بشهرين على صفحتي رسالة مختصرة جداً فهمها البعض ومازالت موجودة، وهي أن ابريل هذا العام لن تكون فيه كذبة ابريل أخرى، خرجت من لقاء كبير لشباب الحزب والحركة، وكان الجميع تقريباً ينادي بضرورة تغيير كل الحاكمين ومحاسبة الفاسدين ابتداءً من قمة الهرم، ورأينا قناة (العربية) تختار صورة من هذا اللقاء لتفبرك حوله معلومات كاذبة وتخلطه بلقاءات أخرى من أجل حبك سيناريو الحلقات، وليتها نشرت اللقاء كاملاً، وبعد هذا اللقاء أيقنت أن الرئيس البشير سيقوم بخطوة عسكرية أو أمنية عنيفة تجاه المؤتمر الوطني، يستبق بها المؤتمر العام للحزب في أبريل، وذلك بتضليل وقيادة من بضعة نفر حوله، رغم زهده السابق في المواصلة، وكان واضحاً أن عدة جهات ستتصارع في أبريل صراع البقاء، والغلبة ستكون لحملة السلاح في النهاية، وحين أتت قوات الدعم السريع وقتذاك جاءت لتحمي العاصمة ولم تأت لتهاجم الناس، وانقلاب 11 أبريل، لم يكن مسرحية ولم يكن كذبة أبريل، كان حمايةً للبلاد من التحول من تدهور اقتصادي إلى تدهور أمني، وقد حافظ المكون العسكري على أمن الناس، ولم يحافظ المكون المدني على معاش الناس.
• وفشل حكومة الانقاذ لم يترك لها مجالاً للاستمرار؟
ــ نعم كان لا بد للإنقاذ أن تذهب، لأنها لم تجدد نفسها ولم تحاسب نفسها.
• الحكومة تتحدث عن تخريب متعمد يقوده عناصر النظام من أجل إفشال برنامجها؟
ــ حكومة حمدوك الفوضوية والظالمة تخرب على نفسها بنفسها، منذ أن خدعت المواطنين حين وعدت بحكومة كفاءات مهنية لا حزبية، وجاءت بمن يغطون عجزهم الواضح أمام المواطن بتكرار خطابات ثورية فيها نفس الحديث المكرر عن الثورة بغرض (الخم) العاطفي وتحويل القضايا من وطنية إلى سياسية، هي حكومة قمعية تشن حروب الاغتيال المعنوي والقمع والترهيب عبر الإعلام الاجتماعي وناشطي الأسافير ضد كل من له رأي آخر، وضد كل من يخرج عن صف القطيع الذي يريدونه، وهذه الحكومة المدنية هي مجرد (شلة) حزبية لا تحسن العمل سوى العمل المعارض فقط والهتاف في القنوات الفضائية وأمام الحشود، فهذا ما قاموا بإجادته (30) عاماً لم يسكتوا فيها يوماً عن محاربة الإنقاذ لدرجة محاربة البلاد نفسها، وطلب إنزال العقوبات عليها ورفع السلاح والتخريب والتدمير المتعمد لإثارة تذمر المواطنين، حكومة دكتور حمدوك الذي شرحته الإنقاذ وزيراً للمالية أيام معتز موسى ودكتور إيلا قبل اعتذاره المتأخر للبشير، وصفتها إثيوبيا بأنها مجرد مجموعة ناشطين سياسيين لا يصلحون للحكم، ووصفتها أمريكا وفي تغريدات مسؤوليها مثل كاميرون هدسون وغيره بعدم النضج وأن وراءها طريقاً طويلاً لتتعلم، فابتدأت مسيرتها بتكرار الأخطاء ومعاداة دول الجوار مثل السعودية ومصر والإمارات، رغم أن بعض هذه الدول كان له دور ملموس في انقلاب (11) أبريل الذي تسلقه بعض المدنيين في قوى الحرية والتغيير ليحكموا دون غيرهم، واعتقد أنها تركز على سحق خصومها قبل الانتخابات المقبلة، أكثر من تركيزها على حل مشكلات البلاد الحقيقية وتخدع المواطنين، وسيأتي يوم كشف حسابها وبالوثائق والأدلة، ووصفها قادة أحزابها نفسهم في تصريحاتهم بأنها (حكومة منحرفة)، وصرح قادتها الحزبيون بأنها قد فشلت فشلاً ذريعاً مبكراً، رغم عدم وجود حروب في الداخل والخارج وحروب مسلحة كالتي كانوا يشنونها على حكومة الإنقاذ، وكل الظروف كانت مهيأة لهم. ومن المهم من أجل التاريخ أن يجرب الناس هذه الطغمة الحاكمة حالياً، ليعرف قدرها وقدراتها، ومن المهم أن يتم إعطاؤهم الفرصة كاملة لتجريب وصفاتهم على الناس رغم تلكؤهم في الالتزام بالوثيقة الدستورية وتعيين مجلس تشريعي انتقالي يتحدث باسم الناس، ومن المهم أن يفهم الناس أن البديل لهذه (الشلة) القادمة من دول الاغتراب ودول اللجوء، ليس شرطاً أن يكون المؤتمر الوطني وشركاءه من أحزاب الأمس، لأن حواء السودان والدة، بل أن المؤسسة العسكرية نفسها فيها من الكفاءات العلمية والإدارية ما يُغني عن هذه الفوضى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثمانية − 6 =