الخرطوم : عين السودان

حكى لي أحد الأصدقاء بأن خاله التوم ود برير كان رجلاً عفوياً، وأبيض السريرة الذي في قلبه على لسانه، وكان دائماً ما يُدلي بنصائحه وتعليقاته المثيرة للدهشة دون أن يأبه للزمان ولا للمكان.
وكان إبن أخيه الطاهر إماماً لمسجد القرية شابٌ صالح وخطيب، وكانت دائماً ما تنتابه حالات من الوجد والجذب الصوفي أثناء خطبة الجمعة فيدخل في نوبة بكاء طويلة حتى تبلل دموعه صدره وقرطاس الخطبة.
وفي إحدى الجمع وأثناء الخطبة عاودته الشطحات فدخل في نوبة بكاء استمرت أكثر من المعهود، هنا لم يتمالك التوم ود برير نفسه فصاح بصوتٍ داوٍ:
(إنت يا الطاهر ولدي الببكيك شنو؟ دحين الكلام دة ماك كاتبو بايدك؟) ضج المسجد بالضحك رغم وقار المقام، فإنتبه الإمام وعاود خطبته بعد أن لملم شتات نفسه.
وفي ظني أن هذه الحكاية قد شاعت في خواطر الكثيرين من الذين يعرفون الطُرفة حين شاهدوا بالأمس بكاء السفير حيدر بدوي الصادق الناطق الرسمي لوزارة الخارجية، وهو جمهوري مشهودٌ له بـ (الشلاقة) في القول والفعل والكتابة، وله آراء منشورة تصادم المعلوم من الدين بالضرورة.
وقد صدم الرجل بشلاقته المعهودة الرأي العام والحكومة ووزارة الخارجية بتصريحه الكارثي غير المأذون به حول التطبيع، الذي لم يجد من يؤيده إلا نتنياهو وكوهين والموساد ووسائل الإعلام الصهيونية.
وكانت صدمة الرأي العام الثانية في الحوار الذي أُجري معه بعد فصله وإبعاده عن الخدمة غير مأسوفٍ عليه وعقبال بقية الخوارج والزنادقة، حينما سئل حول تصريحه وموقفه من الشعب السوداني انخرط في نوبة من البكاء (المشاتر) والمفتعل وغير المبرر.
وقد خلتُ أن التوم ود برير بعد أن شاهد الفيديو على السوشيال ميديا قد رفع عقيرته بصرخة مدوية: (إنت يا حيدر يا ولدي الببكيك شنو؟ دحين الكلام دة ماك قايلو بعضمة لسانك؟).

صحيفة الانتباهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرين − 9 =