الطيب مصطفى : الفترة الإنتقالية بين الحلو وعقار وحركات دارفور

الخرطوم : عين السودان

في الوقت الذي وصف فيه ياسر عرمان إتفاق الترتيبات الأمنية الموقع بالأمس في جوبا بالأحرف الأولى بين الحكومة والحركة الشعبية جناح عقار بالتاريخي ، صبّ رئيس الجناح الثاني والأقوى بالحركة الشعبية عبدالعزيز الحلو جام غضبه على مفاوضات جوبا حيث وصفها بأنها محاولة لتحقيق (سلام جزئي لايخاطب جذور المشكلة السودانية)!
ذلك يعني أن السلام الشامل مع جميع الحركات المسلحة بما فيها حركة الحلو وحركات دارفور المسلحة – خاصة حركة عبدالواحد محمد نور الأكثر تشدداً ورفضاً للسلام – لا يزال حلماً بعيد المنال ، وبالرغم من ذلك فقد قرر الطرفان الموقعان بالأمس (الحكومة وعقار) تمديد الفترة الإنتقالية إلى أربع سنوات تبدأ إعتباراً من تاريخ التوقيع النهائي بما يعني أن الفترة الإنتقالية ستشهد تمديدات أخرى عقب كل توقيع مع الحركات المسلحة!
عرمان وهو يحتفي بالتوقيع ركز على إعادة هيكلة الجيش السوداني وتغيير عقيدته العسكرية تمهيداً لإقامة مشروع السودان الجديد الذي قال زعيمهم قرنق بأنه يهدف إلى إعادة هيكلة الدولة السودانية Restructuring وعرفه بأنه يعني (إنهاء النموذج العربي الاسلامي المتحكم الآن)!
معلوم أن جناحي الحركة يحملان ذات الهدف الاستراتيجي والمشروع لكنهما يختلفان في وسيلة تنفيذه ، ففي حين يعتبر جناح عقار/عرمان وسطياً يتبنى الحلو منهجاً إقصائياً متشدداً ومتطرفاً لا يتردد في الإعلان عن توجهاته العنصرية وعن كراهيته للهوية العربية الاسلامية أو قل للثقافة العربية والهوية الاسلامية لذلك فإن خطاب الحلو وأمينه العام عمار أمون يحتشد بالمفردات والتعابير العنصرية مثل المركز العروبي الأقصائي والعرب والزرقة ، ويركز على الحديث عن ما سماه بالمظالم التاريخية ، وعلى أهمية مخاطبة ما سماه (جذور المشكلة) ويدعو إلى تبني العلمانية ويعتبر ذلك مطلباً اساسياً لدرجة أنه قايض به حق تقرير المصير بالرغم من أنه لا يملك حق التعبير عن شعب جنوب كردفان المتعدد الأثنيات والقبائل أو حتى عن أثنية النوبة لسببين : أولهما أن معظم أبناء النوبة مسلمون ومنحازون للسودان كما أن الحلو ليس من قبيلة النوبة فهو من قبيلة المساليت.
على العكس من الحلو فأن عقار وعرمان بواقعيتهما لا يشترطان العلمانية التي يعلمان ضعف مبرراتها في بلاد يستمسك شعبها بعقيدته التوحيدية الرافضة لتلك النقيصة الشركية البغيضة.
على كل حال فأني أعجب من تناقض من يمتشق السلاح كوسيلة للتغيير ثم يتحدث عن الديمقراطية ، فمن يحصل على مكاسبه بقوة السلاح ليس مؤهلاً للحديث عن الديمقراطية.
أقول هذا بين يدي ما صرح به الحلو في بيانه أمس الأول ، فقد قال إن (الحركة تتمسك بحل أزمات البلاد من جذورها إضافة إلى بناء نظام علماني ديمقراطي لا مركزي يحترم حقوق الجميع)!
أقول للحلو إن من يحترم الديمقراطية لا يفرض رأيه على الأغلبية بقوة السلاح من خلال الأصرار على العلمانية في مجتمع يشكل المسلمون أكثر من (95)% من شعبه ، فغاية ما تسمح به الديمقراطية أن يجرى استفتاء فإن وافق الشعب على طرحه فبها ونعمت ، وإلا فأن عليه أن يرضخ للخيار الديمقراطي.
أنصح قيادات جيشنا بأن يمسكوا ألسنتهم قليلاً فأنت ملك الكلمة التي لم تقل فإذا قلتها ملكتك فقد دهشت لتصريح أدلى به قبل أشهر نائب الرئيس حميدتي وصف فيه الحلو بالرجل الطيب! الحلو الذي خاضت قواته قبل أيام معركة حامية الوطيس ضد قواتنا المسلحة في خور الورل استشهد فيها وأصيب عدد من جنودنا لا يستحق هذا الوصف ، كما لا يستحق هو وغيره وصف (حركة كفاح مسلح) لأنه متمرد على سلطان الدولة وقواتها المسلحة وخارج على الدستور!
أما وزير الدفاع فقد قال :(إن إنضمام حركة عقار سيزيد الجيش قوةً وتماسكاً)!
ليتك يا رجل تقرأ قليلاً عما ينطوي عليه (مشروع السودان الجديد) وأنكم لستم مفوضون بتحقيق السلام مهما كان الثمن ، فالليالي من الزمان حبالى مثقلات يلدن كل عجيب!

صحيفة الانتباهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

6 + عشرين =