إبراهيم الشيخ : المكون العسكري يشكّل حماية لمواقع حتى لا تطالها يد إزالة التمكين

الخرطوم : عين السودان

أكد القيادي بالحرية والتغيير ،ابراهيم الشيخ، تشكيل المكون العسكري حماية الى مدى بعيد لبعض المواقع التي لم تطالها يد ازالة التمكين،ورغم رفضه اعتبار العسكر عقبة أمام تحقيق أهداف الثورة،غير انه نوه الى ان الشراكة التي تجمع بين العسكريين والمدنيين ليست قائمة على روح عميقة من التوافق والتجانس،قاطعاً بان اداء الحكومة جاء دون التوقعات،مرجعاً هذا الامر الى ضعف الاداء بعدد من المواقع الوزارية والادارية.
كاشفاً عن استمرار إمساك النظام البائد ببعض مفاصل الدولة وقال ان هذا ايضاً له تأثير في ابطاء جهود ازالة التفكيك ،لافتاً الى ان مكونات في الحرية والتغيير لم تستوعب ان هذه فترة انتقالية ذات مهام محددة ،قاطعاً بان المحاصصات ليست ضد قيم ومبادئ الثورة ،ويرى ان تجربة التكنوقراط كانت سبباً في فشل الفترات الانتقالية السابقة ،وفي المساحة التالية نستعرض افادات ابراهيم الشيخ على اسئلة (الانتباهة) :ـ
] عام انصرم على توقيع الوثيقة الدستورية وماتحقق جاء دون الطموح على الأصعدة كافة؟
– نعم ماتحقق جاء دون التوقعات،احلام وآمال وطموحات المواطنين عقب نجاحهم الباهر وإنجازهم للثورة كانت كبيرة لاتحدها حدود لجهة انهم ظلوا لثلاثة عقود يتجرعون من كأس المعاناة والقهر،لذا تعلقت قلوبهم بالثريا ،ولكن اعتقد ان عددا من العوامل حالت دون تجسيد هذه الاحلام على أرض الواقع أبرزها بطبيعة الحال التركة الثقيلة التي ورثتها الحكومة من النظام البائد الذي جعل وضع البلاد بائسا ومؤلما.
] عفواً.. بعض الناس يعتقد أن تعليق الفشل على النظام البائد مجرد شماعة للهروب من مواجهة حقيقة ضعف أداء الحكومة الانتقالية ؟
– لا..ليست شماعة نعمد الى تعليق الاخفاقات على مشجبها بل هي واقع لايمكن غض الطرف عنه او تجاوزه وتثبته الكثير من الحقائق والشواهد التي تؤكد ان النظام البائد بخلاف انه ترك وضعا معقدا على الاصعدة كافة فانه لا يزال ممسكا بجزء من مفاصل الدولة ،والثورة المضادة تفعل كل مافي وسعها لافشال الحكومة الانتقالية عبر خلق الكثير من الازمات الاقتصادية والامنية.
] ولكن هذا لاينفي ضعف الجهاز التنفيذي الذي وباعتراف الحاضنة السياسية اتسم أداؤه بالبطء؟
– نعم هذه حقيقة لايمكن ان نقفز فوق اسوارها، فهي تؤكد أن عددا ليس قليلا من المواقع شاب اداء من تولوا ادارتها عجز وضعف،وهذا حدث حتى على صعيد بعضالوزارات ذات التأثير السياسي والاقتصادي او ماتعرف بالوزارات الأم،لذلك جاءت خطوة تغيير عدد من الوزراء،نعم من تم قبول استقالاتهم اجتهدوا غير ان التوفيق لم يلازمهم في تحقيق المنشود وترجمة احلام الشعب المتعطش والمتلهف لتغيير واقعه نحو الافضل،وبصفة عامة لا يمكن ان نغالط الحقائق ونقول ان الاداء خلال عام جاء جيدا.
] نأسف ولكن يمكن القول إن «الناس فقدت الأمل «؟
– لا..الامر ليس بهذا السوء،نعم حدثت إخفاقات وكل مكونات الفترة الانتقالية اقرت بذلك، ومعروف ان الاعتراف بالخطأ والاقرار بالضعف يعتبر المدخل المثالي للحل والتغيير المنشود،الحكومة تخطئ وتصيب ولكن العبرة باستدراكها لمكامن الضعف وسعيها لتجاوز مربع الاخفاقات ،وفي تقديري ان الامل مايزال معقودا وقائما ولم ولن يتلاشى لان هذه ثورة شعب من العسير هزيمتها او افشال اهدافها،والتغيير في الجهاز التنفيذي سيستمر وصولا الى الاداء الذي يصبو اليه المواطن ونتوقع ان يأتي وزراء يتمتعون بافق اوسع ويعملون على اداء مهام الثورة وتنزيل اهدافها على ارض الواقع.
] هل تعتقد أن تجربة الوزراء التكنوقراط قد فشلت أم إن الأحزاب تعمدت إفشالها حتى تفرض سيطرتها على أجهزة الدولة ؟
– التغيير الذي طال عددا من اعضاء الجهاز التنفيذي لحكومة حمدوك وقفت من ورائه عدد من الاسباب منها تجربة التكنوقراط التي لم يأت تنفيذها في الوقت الملائم بل كانت قفزة الى الامام لذا لم تحقق النجاح المنشود ،واعتقد انه من الخطأ ان يدير كل الوزارات المستقلون او التكنوقراط .
] ذات حديثك قال به كثيرون خلال الفترتين الانتقاليتين عقب ثورتي أكتوبر وأبريل ؟
– هذه حقيقة ،فشل الفترتين اللتين اعقبتا ثورتي اكتوبر وابريل سببه الاستعانة بالتكنوقراط لادارة الدولة في ظل ظروف وتقاطعات شائكة ،نعم هم على درجة عالية من الكفاءة ولكنهم يفتقدونللخبرة وحنكة السياسي الذي يمتلك مهارة التعامل مع كل الظروف والقضايا بما يتسق مع التقديرات الموضوعية ،واعتقد أن كل أزمات الفترات الانتقالية تمثلت في الاعتماد الكامل على التكنوقراط الذين لانقدح في امكانياتهم ولكن حتى يتمكنوا من ان يقدموا خبراتهم وتستفيد منها البلاد يجب الدفع بهم في ظروف ملائمة سياسيا وأمنيا واقتصاديا.
] إذاًأنتم في القوى السياسية من تتحملون هذا الإخفاق لأنكم من تقفون خلف الاستعانة بالتكنوقراط إذا اعتبرنا أنهم بالفعل قد فشلوا كما أشرت؟
– للاسف فان الاحزاب في الفترات الانتقالية الثلاث ظلت تخضع للابتزاز الذي يستهدف اقصاءها كليا عن المشهد وربما يسعى لافشال الفترات الانتقالية ،وهذا من الاخطاء التاريخية التي تتحمل القوى السياسية مسؤوليتها ،كان عليها ان تتصدى لمهام البناء دون ان تكترث لاتهامات المحاصصات التي ظلتتضعها دائما في موضع المتهم.
] هذا يعني أن المحاصصات ستكون منهج الفترة القادمة ،رغم أن كثيرين يعتقدون بتعارضها مع مبادئ وأهداف الثورة ؟
– لا أعتقد بصحة قول بعض الناس ان المحاصصات ضد قيم ومبادئ الثورة ،الحقيقة تؤكد ان القوى السياسية منوط بها تحمل العبء الاداري والتنفيذي لجهاز الدولة باعتبار ادراكها ووعيها الكامل بما مطلوب وهذا الامر استمدته بطبيعة الحال اذا اخذنا الفترة الانتقالية الحالية مثالا من صراعها الطويل الذي حاضته ضد النظام البائد ،وحصول الاحزاب على مواقع تنفيذية ليست محاصصة بل هو الواقع الذي يجب ان يكون ،وهنا علينا وضع الاشياء في مسارها الصحيح الذي يوضح ان مشاركة الاحزاب في الجهاز التنفيذي ليست محاصصة بل تفرضها ضرورات كثيرة .
] ولكن في حالتكم الراهنة في تحالف الحرية والتغيير فإن الصراعات كان لها انعكاسات سالبة علىأداء الجهاز التنفيذي ؟
– نعم..من الاوضاع المعيبة التي تتسم بها الفترة المرحلة الحالية ان مكونات في الحرية والتغيير غرقت في بحر قضايا صغيرة وحرصت على تحقيق مكاسب ذاتية على حساب الفترة الانتقالية وهذا احدث نوعا من الصراع افضى الى احداث هزة في البنية التحتية للتحالف ويتمظهر هذا جليا في الانشقاق الذي ضرب جسد تجمع المهنيين ،عطفا على تجميد حزب الامة لنشاطه،وهذه التباينات والصراعات القت بظلالها على الحكومة ولكنها ليست السبب المباشر كما اشرت في ضعف اداء الجهاز التنفيذي.
] سلوك التمكين الذي أظهرته أحزاب يشي بعدم إدراكها بمهام الفترة الانتقالية أو أنها تتعمد الاهتمام بها ؟
– أتفق معك بوجود مكونات في الحرية والتغيير لم تستوعب ان هذه فترة انتقالية ذات مهام محددة ابرزها تحقيق السلام ،تفكيك دولة الانقاذ ،خلق ارضية تمهد للتحول الديمقراطي وصولاً الى محطة الانتخابات الحرة النزيهة وغيرها من اهداف وعليها ان تدرك ان المرحلة الحالية ليست للمكاسب السياسية الضيقة بل من اجل الوطن.
] على ذكر إزالة التمكين وضح جلياًأن الإنقاذ لا تزال ممسكة بالكثير من مفاصل الدولة ؟
– علينا الإقرار بان ملف ازالة التمكين لم نُدره بالشكل المطلوب لتحرير الدولة من قبضة النظام البائد ،وماتزال الانقاذ تحكم قبضتها على الكثير من المواقع ولم يطلها التفكيك حيث يعمل من يتولى امرها بذات السياسة والعقلية السابقة،واعتقد ان هذا يعود الى عدم استيعاب مكونات في قحت مهام الفترة الانتقالية الحقيقية التي يأتي من ضمنها تفكيك نظام الانقاذ.
] ولكن ألا تعتقد أن وجود مكون عسكري ومدني يتنازعان في الصلاحيات من أسباب عدم تحقيق الثورة لأهدافها أو دعنا نقول عدم إدراك النجاح المطلوب في ملف التفكيك ؟
– في تقديري ان وجود مكونين احدهما مدني والاخر عسكري وفي ظل تنازع بينهما على السلطات له تأثير كبير على مجريات الاحداث ومخرجات اداء الحكومة خلال الفترة الماضية ،وبالتالي فان المكون العسكري شكل حماية الى مدى بعيد لبعض المواقع التي لم تطلها يد ازالة التمكين ،كما ان من الاسباب التي تبطئ من ايقاع لجنة الازالة ان بيروقراطية اجهزة الدولة العميقة لها تأثير.
] هل هذا يعني أن العسكر يشكلون عقبة أمام تنفيذ أهداف الثورة ؟
– لايمكن القول بذلك فهم لايشكلون عقبة ،بل اذا تحدثنا بشكل اكثر دقة فان الشراكة بينهم والمدنيين ليست قائمة على روح عميقة من التوافق والتجانس ،ومعروف ان المفاوضات قبل توقيع الوثيقة الدستورية شهدت شداً وجذباً وكان لها لاحقاً انعكاسات ومشاكسات وعدم ثقة واستمر هذا الوضع لاشهر،ولكن بعد ذلك حدثت انتباهة ومراجعة فكان ان تم وضع المصفوفة ،وفي تقديري ان المطلوب العمل المكثف خلال الفترة القادمة لتعزيز روح الشراكة والتوصل الى محددات وقيم اساسية تكون بمثابة خارطة الطريق حتى ينساب العمل بانسجام وتجانس .
] رغم الإخفاق في عدد من الملفات إلا أن ملف السلام شهد تقدماً كبيراً في ظل حديث عن عدم رغبة قوى الحرية والتغيير في إنجازه كاملاً ؟
– اختلف معك تماما في هذه الجزئية واعتبر ان الحديث المتعلق بتعمد الحرية والتغيير افشال المفاوضات عار تماما من الصحة ولايتسق مطلقا مع تضحياتها التي قدمتها من اجل السودان وشعاراتها التي رفعتها في الثورة فالسلام جاء على رأس الاولويات ،واذا كان التحالف الحاكم غير راغب في الوصول الى سلام فكيف وصلت اطراف التفاوض الى هذه المرحلة المتقدمة ،السلام ظل هدفا رئيسا واستراتيجيا لكل مكونات الثورة ،عسكر ومدنيين لانه الطريق الذي يقود البلاد الى الاستقرار المنشود،اؤكد لك ان الحرية والتغيير تتمنى ان يكتمل ملف السلام اليوم قبل الغد .
] إذاً وقياساً على ماتحقق يمكن القول إن السلام يطرق الأبواب ؟
– نعم،نعم ،نعم ،عمليا تم قطع اشواط طويلة في التفاوض وحسمت الحكومة والاخوة في قوى الكفاح المسلح امات القضايا ،ويجري التفاوض كما تعلمون في اخر ملف وهو المتعلق بالترتيبات الامنية الذي يقود الى سلام مستدام وقوات مسلحة ذات عقيدة وطنية تكون الحارس للتحول الديمقراطي،واعتقد ان وفد الجبهة الثورية الذي حضر للخرطوم في الفترة الماضية نجح في حسم الكثير من القضايا العالقة مع الحكومة ،وبالتأكيد فان المساعي مبذولة وبجدية وصدق لالحاق القائدين عبدالعزيز الحلو وعبدالواحد محمد نور بركب السلام حتى تودع بلادنا عهد الحروب الى الابد باذن الله .

صحيفة الانتباهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

14 + 14 =