الطيب مصطفى: الحقيقة المرة بين الوزير قمر الدين والقائم بالأعمال الأمريكي

الخرطوم : عين السودان

عجبت لدفاع وزير الخارجية المكلف عمر قمر الدين عن حكومته الفاشلة ولحديث الأفك الذي نثره بين يدي القائم بالأعمال الأمريكي زاعماً أن حكومته ملتزمة بتوفير الحريات بالرغم من علمه أن سجونه تضج بمعتقلي الرأي والمظلومين!
لو تجشم الوزير العناء لمدة ساعة واحدة وزار بعض معتقلات حكومته لرأى عجباً ، إذ لا أظنه يجهل أن رجلاً في وزن بروف غندور المدير الأسبق لجامعة الخرطوم والذي شغل بل ورفع قدر منصب وزير الخارجية قبل سنوات وقابل من خلال ذلك الموقع وبهر وأقنع بحججه المفحمة الرئيس الأمريكي أوباما ، والذي يعلم الوزير قمرالدين بل يوقن أنه ورئيس وزرائه حمدوك أدنى منه قامة وأقل عطاءً وعلماً وخبرةً ، أقول لا أظنه يجهل أن بروف غندور يقبع الآن خلف جدران السجن بلا أدنى جريرة أو سبب سوى الخوف من أن يشارك في مسيرة سلمية أقيمت في ذكرى الثلاثين من يونيو بالرغم من أنه أعلن أن حزبه لن يشارك في تلك المسيرة التي نظمتها بعض القوى السياسية المعارضة إحتجاجاً على إخفاقات وسياسات حكومة القحط التي أذاقت شعب السودان من القهر والإذلال وسوء الحال والمآل ما لم يشهده منذ الاستقلال. لماذا تكذب أيها الرجل وأنت تعلم أن حكومتك أحالت السودان إلى سجن كبير وما من مسيرة أو موكب سلمي ، صغيراً كان أو كبيراً يخرج إلى الشارع محتجاً
بصورة سلمية إلا فض بالبنبان وبغيره من الوسائل وأعتقل عدد من المشاركين فيه كما حدث في جمعة الغضب التي أقيمت أمس الأول ، وأن بعض أعضاء لجنة إزالة التمكين يقودون فرق الإعتقال والمصادرة بأنفسهم رغم عدم الاختصاص وذلك تنفيذاً لتوجيهات القيادي الشيوعي صديق يوسف الذي طالب بعنجهية وتجاوز للقانون والدستور ، طالب السلطات ب(حسم وردع) محتجي الثلاثين من يونيو رغم علمه إن تلك الأساليب القهرية لو استخدمت من قبل النظام السابق لما حدث التغيير الذي سطوا به على الثورة وأختطفوها في غفلة من الزمان وتنعموا برياشها وديباجها؟!
هل تعلم أن من حيل بينهم وبين مليونية المشاركة في ذكرى الثلاثين من يونيو لا يزالون يرزحون في غيابة السجون رغم الشعار الكذوب (حرية سلام وعدالة)؟!
لماذا يا قمرالدين تخادعون السفراء الأجانب بالكذب والتدليس رغم علمكم أنكم تخرقون حتى الدستور الذي صغتموه بأيديكم ليتوافق مع أجندتكم السياسية الإقصائية؟!
أتحداك أن تقرأ وثيقتكم الدستورية التي تنص على عدم *(التمييز بين المواطنين بسبب العرق أو اللون أو النوع أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو الوضع الإجتماعي أو غير ذلك من الأسباب)* وأن تجيب عن السؤال : بأي حق تمنعون أياً من عضوية القوى السياسية المعارضة بما فيها المؤتمر الوطني من حقها في التعبير والإحتجاج السلمي؟
أنه الطغيان الذي عبتموه على النظام السابق بالرغم من أن الحزب الشيوعي الممسك بخناق السلطة الحالية كان خلال عهد الإنقاذ يعقد مؤتمره العام في قاعة الصداقة في قلب الخرطوم.
للأسف إن الطغيان بلغ بهؤلاء المستبدين درجة تعطيل المحكمة الدستورية لعلمهم اليقيني أنهم يخرقون وثيقتهم الدستورية ولخوفهم من صدور حكم بعدم دستورية كل نظامهم الحالي ومؤسساتهم وقوانينهم. ليتك تسأل يا قمر الدين لماذا يقبع الشاب معمر موسى حتى الآن في سجونكم منذ حوالي الثلاثة أشهر وهو الذي كان من مفجري الثورة وقادتها في ميدان الإعتصام بل قبل ذلك بسنوات؟!
ماذا فعل اللواء عمر نمر والمهندس حامد عبدالرحمن وراشد تاج السر وميخائيل بطرس وجمعة إدريس وخالد محمد نور وعماد الحواتي وغيرهم من الذين أقتيدوا إلى السجن قبل يوم واحد من ذكرى الثلاثين من يونيو ولا يزالون في غيهبه البغيض؟!
لم أتحدث عن الوضع الكارثي الذي أحال حياة الناس إلى جحيم لا يطاق ولا إلى الفساد الضارب الأطناب الذي جثم على صدر كل مؤسسات الدولة من أعلى قمتها مروراً بوزاراتها وخدمتها المدنية العاجزة ، ولا إلى إنهيار هيبة الدولة التي غدت ذليلة كسيرة ومحتقرة حتى من دويلات صغيرة صنعناها بأيدينا ، ولا إلى الحرب التي تشن على دين وهوية وقيم وتقاليد شعبنا المسلم ، ولا إلى الإنهيار الأمني الذي اجتاح عدداً من ولايات السودان ويوشك أن يهوي بالسودان إلى آتون احتراب قبلي وأهلي يستأصل شأفته ويمزقه أرباً ، ولا إلى الفشل في ملف السلام الذي بات حلماً بعيد المنال بعد أن وسد الأمر إلى غير أهله!
أرجع لنموذج آخر من الطغيان السياسي الذي ضرب منظومة العدالة حتى أضحى النائب (العام) نائباً (خاصا) مسخراً لخدمة قحت وحزبها الشيوعي ، فقد رأينا كيف يعتقل الخصوم السياسيون ويجرمون ويسجنون وتصادر ممتلكاتهم ويشيطنون عبر الإعلام من قبل لجنة سياسية حاقدة وغير شرعية أو قل نشطاء سياسيين منحوا صلاحيات قضائية مطلقة يصدرون عبرها أحكامهم الظالمة بعيداً عن القضاء الذي (مرمط) في التراب ، وكيف منع أطلاق سراح المعتقلين السياسيين بالضمان ، ولن أحكي عن كيف أعتقلت بل و(كلبشت) بالسلاسل والحديد بلا أدنى سبب سوى أني كتبت مقالاً أنتقدت فيه أحد نشطائهم .. المدعو (مناع الخير) بعد أن توعدني بالإعتقال!
أود أن أذكر قمرالدين وغيره أني لست مثيلاً لهم في استقامتي الأخلاقية ، ذلك أني انحاز إلى الحق المطلق بغض النظر عن الإنتماء السياسي وليس أدل على ذلك من معارضتي لأخطاء النظام السابق مما دفعت ثمنه تضييقاً وحرباً شعواء على صحيفتي و(الصيحة) ، ولعل دفاعي عن بعض قيادات قحت إبان إعتقالهم مثل السيدين الصادق المهدي وعمر الدقير يقف شاهداً على أني لا تأخذني في الحق لومة لائم.
أرجع لأقول متحسراً إن عمر قمر الدين للأسف الشديد يكذب بلا أدنى خجل على القائم بالأعمال الأمريكي عن الحريات ولا أشك أنه هرف بذات الأفك لمفوضية حقوق الانسان النائمة في العسل والتي أخشى أن تكون قد أحتلت من قبل بعض عصابة قحط ولاذت بالصمت لقاء لعاعة من الدنيا انستها مهمتها الأخلاقية.
أقول للأمريكي عمر قمرالدين منسق منظمة كفاية الأمريكية والذي لطالما خاض معارك لا أخلاقية ضد وطنه وشعبه إبان النظام السابق كنت قد كتبت عنها الكثير ، إن الأيام دول وأن الحديث ذو شجون وسنلتقي عند حكم عدل لا يخفى عليه مثقال ذرة ، وسيرى الذين ظلموا أي متقلب ينقلبون.

صحيفة الانتباهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة عشر + 19 =