محمد عبدالماجد : الباز ومزمل يقودونا إلى (جهنم) بالطريق الشاقي الترام

الخرطوم : عين السودان

(1)
] عندما اقرأ للباشمهندس الطيب مصطفى وهو يتحدث عن (السودان) وعن (سعر رطل اللبن)، اقول في نفسي ألم يكن الطيب مصطفى يحدثنا عن الأيلولة إلى أن يحمل الناس (بقجهم) فوق رؤوسهم اذا سقط نظام البشير؟
] مضى أكثر من عام على سقوط النظام البائد ولم أر (بقجة) واحدة تحمل على الرؤوس ولم اشهد (صرة) هدوم يسأل صاحبها الناس إلحافاً.
] اقرأ لأستاذنا الكبير عادل الباز فأظن أني إذا أخرجت رأسي على الشارع سوف أجد (الجثث) وهي ملقية على الطرقات (متعفنة) تبحث عن (هويتها)… تنهشها القطط والكلاب الضالة ولا تجد من يسترها.
] أقول للباز الوطن الآن بخير ــ نتنفس (الحريات) بحياة متفتحة، ونعيش العدالة بسلام واطمئنان وفضيلة ــ تكاد طرق الخرطوم أن تثمر مع كل الصعاب والأوجاع عنباً وتفاحاً وتيناً وزيتوناً.
] قد تكون (المعاناة) كبيرة ــ لكن الناس في السودان الآن سعداء بثورتهم، يرقص (نخيلهم) على أنغام صديق أحمد، ويضحك (شعبهم) مع ابو عركي البخيت، وها هم أطفالنا (السمر) يخرجون في الاحياء بمسحة (مصطفى سيد احمد) والدهشة حاضرة بكل الألق على رؤى عمر الطيب الدوش حيث آن لنا أن نمتع انفسنا بالثورة ــ فليس بين حراكنا (طفلة وسط اللمة منسية).
] ألمح في ثنايا الحراك خليل فرح … وهو (حافي حالق بالطريق الشاقي الترام).
] قولوا لإسحاق فضل الله لو اكتفينا بالأحلام لكفانا من الثورة ذلك، وقد كانت (الأحلام) في عهدكم الغابر (عصية) وكانت الأماني (ممنوعة) وكانت الآمال (محظورة) في الوقت الذي كان علي كرتي يمتلك (99) قطعة ارض وهند التقانة (133) قطعة ارض وجمال الوالي (100) فدان زراعي، ثم يخرج بعد ذلك لينافح الناس عن زهده.
(2)
] نحن الآن نعيش في ربيع ثورتنا، تعلّمنا الأزمات والمعاناة والعوز أن ثورة ديسمبر المجيدة لم تكن من اجل (لقمة العيش) وصفوف الرغيف مازالت تمتد والشعب صامد عليها.
] هذه الثورة لم تكن من اجل (الوقود) والأزمة مازالت تضرب بثقلها على (المحروقات).
] الحكومة الانتقالية الآن ترفع الدعم عن (المحروقات) وعن (الخبز) و (الدواء) ويقطع التيار الكهربائي لأكثر من سبع ساعات في اليوم وتتعطل أعمال الناس وأشغالهم بسبب جائحة كورونا، ومع ذلك فإن الشعب السوداني مازال يتغنى بثورته ومازالوا يرددون في الطرقات (الحل في البل) و (برتقال) محمد المكي ابراهيم يقاسمهم بهجتهم اشتعالاً.
] إن كنتم تراهنون على هذه (الأزمات) وتحسبونها منقصة على الثورة نحن نحسبها فخراً لها، والشعب السوداني يحتمل كل (الجراح) من اجل ان يعبر وان ينتصر… وليس هناك نصر بدون كبد.
] عادل الباز يكتب امس (ينبغي عليّ توضيح كيف ستقود المهزلة المعدلة التي أجيزت مطلع هذا الأسبوع إلى جهنم)، كأن الباز يريد أن يقودنا إلى (جهنم) من موقف (جاكسون)، وكأنهم كانوا عندما يحدثوننا عن جنة عدن وعن الحور العين واللؤلؤ المنثور كانوا يستدلون على ذلك (ببلحة) واحدة أو (بنبقة) من السدر المنضود.
] جهنم الدنيا مقدور عليها ولنا أن نحتسب ذلك من اجل الثورة والسودان ــ الإشكالية الآن في (جهنم ) الآخرة والتي تنتظر من افسد وأباد في الحياة الدنيا واكل أموال الزكاة والحج والعمرة تحت شعار (ما لدنيا قد عملنا).
] والدكتور مزمل ابو القاسم يكتب في نفس اليوم الذي كتب فيه الباز: (هل يعلمون شيئاً عن المعاناة التي تطحن عظام الناس والغلاء الذي أحال حياة المسحوقين إلى جحيم). فإن مضوا الى ذلك (الجحيم) الذي يقصده مزمل فإن الجحيم في العهد البائد كانوا يقودون الشعب السوداني له بالإبادة والقتل والسحل والدهس وبيوت الأشباح والسمبك.
(3)
] التربص الإعلامي بالثورة هو الذي يهدد مكتسبات الثورة ويقف عقبة أمامها، فمن يكتبون عن سعر (رطل اللبن) وعن صيانة منزل حمدوك .. لم يفتح الله عليهم بكلمة واحدة عندما كان النظام البائد يعوث في الأرض فساداً.
] أين كنتم عندما فصل الجنوب؟ ولم يكن أمامنا لمداواة تلك الجراح غير أن نغنى مع النور الجيلاني (يا مسافر جوبا) وكان ذلك منّا اضعف الإيمان ولا حيلة لنا ولا قوة غير تلك الاحلام المسافرة.
] أين كان هؤلاء عندما حدثت الإبادة في دارفور وفي النيل الأزرق وفي سودانير وهيئة الموانئ البحرية بالقتل او بالفصل؟.. لقد كانوا منشغلين برحلاتهم مع الرئيس المخلوع وبمؤتمرات وزرائه الصحفية التي كان يتبادل فيها (الافيهات) على طريقة يونس شلبي في مسرحية (مدرسة المشاغبين) عندما كان يعجز عن أن يأتي بجملة واحدة مفيدة.
] أعلام النظام البائد يعترض الآن على إجازة الميزانية أو تعديلها، وقد كانت الميزانية في العهد البائد عندما يتم عرضها على البرلمان كان أعضاء البرلمان يصفقون لإجازتها وكأنهم يسمعون النعام آدم (في الزول الوسيم في طبعو دائماً هادي).
] هؤلاء بكل هذه الفصاحة وطول اللسان والخبرات العريضة والشهادات الرفيعة والمهارات العالية لم يكتبوا لنا عن مجزرة فض الاعتصام.. وعن غرق (22) طفلاً في نهر النيل في محلية البحيرة، وعن معاقبة السودان اقتصادياً ووضعه في قائمة الدول الراعية للإرهاب، وعن ضبط عملة أجنبية في بيت المخلوع، وعن رفات ضباط (28) رمضان الذين اكتشفوا مقبرتهم بعد (30) سنة، وعن مقبرة طلاب العيلفون وعن مصادرة (22) صحيفة في يوم واحد، وعن دخول قوات خليل إبراهيم في ام درمان نهاراً وجهاراً حينما كانوا وقتها يتوزعون على مطاعم الخرطوم لتناول الأسماك والمشويات والحلويات.
] الآن يظهر لهم صوتهم يحدثوننا عن سعر رطل اللبن وعن سيارات مجلس السيادة وكأنهم يريدون من أعضاء مجلس السيادة أن يأتوا للقصر على (دراجات) هوائية.
] لقد خرجوا علينا بانتقاد ناري وهجوم كاسح على الحكومة الانتقالية، وعلى مجلس الوزراء في حادثة (الحتانة) التى أتت ببعض الألفاظ الجارحة، بينما سكتوا عن أحداث بورتسودان، ولم يوجهوا كلمة نقد واحدة للجنة الأمنية وللنظام البائد الذي يثير الضغينة والفتنة بين القبائل.
] العين بالعين في (الحتانة) التى كتبوا فيها (شعراً) وعفا الله عما سلف في بورتسودان.
] كانوا صقوراً في الحتانة من اجل (الكباشي) وعصافير في بورتسودان.
(4)
] بغم/
] الرجل الذي يفقد (نظارته) الطبية يهرش أرنبة انفه … ظناً منه انه فقد (الارنبة) ايضاً.
] وهؤلاء وهؤلاء يهرشون (ارنبة) أنفهم الآن.

صحيفة الانتباهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد × 4 =