سودانيون يرسمون لوحة زاهية بإنقاذ (شاحنة شوكولاتة)

الخرطوم: عين السودان

أجواء هادئة على طريق “أسوان- أبوسمبل” السياحي، جنوب مصر، صباح السبت الماضي، إنتهت بإنقلاب سيارة نقل محملة بالشوكولاتة في طريقها إلى السودان عبر منفذ قسطل البري.

لحظات رعب عاشها السائق تبددت بإندفاع عشرات الأهالي من قرية “وادي كركر” النوبية، لإنقاذه وحماية البضائع من التلف أو السرقة.

عندما علم “علاء بحر” بما جرى في الطريق المجاور لقريته، هرع الرجل الأربعيني إلى مكان الحادث بعدها بدقائق ليكتشف إغلاق “المقطورة” للطريق من الإتجاهين وتعطل حركة المرور فضلاً عن إصابة السائق بكدمات وفقدانه للوعي بعد أن إنفلتت عجلة القيادة من يديه.

يقول بحر في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، بينما يتواجد في محيط الحادث:”أجرينا إسعافات أولية للسائق المصاب وتم نقله إلى مستشفى أسوان، وبات علينا تأمين البضاعة حتى مجيء قوات الشرطة ورجال مجلس المدينة”.

وإلتف أبناء قرية وادي كركر- التي تبعد نحو 30 كم عن أسوان، حول السيارة في محاولة إزاحتها بعيداً عن الحركة المرورية كما يُشير بحر ثم وصلت عدد من اللوادر التابعة لإحدى شركات النقل الكبرى بمصر، لينجحوا في نهاية الأمر من فتح الطريق.

وعلى جانب الطريق، وقف أحمد عبدالراضي، رئيس الوحدة المحلية لقرى وادي كركر، يتابع ما يدور على الأرض، يُجري اتصالاته مع المحافظة، ويطمئن أيضاً على الحالة الصحية للسائق التي تحسنت كثيرًا، ليُنقل بعدها إلى نيابة أسوان للإدلاء بأقواله.

ويوضح عبد الراضي في تصريحاته لموقع “سكاي نيوز عربية”، وهو يتحرك في محيط الحادث، أن الحياة عادت لطبيعتها على الطريق في الثانية ظهرًا، وشهدت الواقعة تعاون أهالي القرية النوبية مع الجهات المختصة. ولم ينتهِ الأمر سريعاً، حيث صار الطريق مفروشاً بمئات الصناديق الصغيرة الممتلئة بالبضائع، التي يُقدر ثمنها بنحو 3 ملايين جنيه وفق رئيس الوحدة المحلية لقرى وادي كركر وهو ما يحتاج إلى نقلها مرة ثانية إلى السيارة أو تخزينها قبل أن يُصيبها العطب.

وبدافع الشهامة، إستأذن “حماد جمال”،و هو من أهالي كركر، من عمله في إحدى الشركات الحكومية وإنطلق إلى مكان الحادث، وإنهمك في لحظات مع عدد من شباب قريته لتجميع البضائع الملقاة على الأرض ورصها داخل سيارة النقل الضخمة.

وكخلية نحل، قضى شباب وأطفال “وادي كركر” ساعات النهار في تلك العملية المُرهقة رغم بساطتها، ومع حلول الليل إضطر “جمال” إلى المغادرة للحصول على قسط من الراحة.

ويقول جمال:”ذهبت في الصباح إلى عملي وفي نهاية اليوم أسرعت بالعودة لمساندة جيراني وأصحاب البضاعة”. ولم تتوقف حركة العمل حول سيارة النقل رغم مرور نحو 24 ساعة على الحادث، قبل أن يقترب من المنطقة “سامح سيد” قادماً من أسوان، بالنيابة عن أصحاب السيارة، “للإطمئنان على حال البضائع وإتمام عملية جمعها لحين وصولهم”.

وفوجئ الشاب الثلاثيني بالجهود المبذولة من قِبل الأهالي، وقيام عدد من الشباب بحراسة السيارة طوال ساعات الليلة منعًا لسرقتها من قِبل المارة على الطريق.

ويؤكد “سيد” أنهم رفضوا تركه وحيداً ورجاله قائلًا: “شيء غير جديد على شهامة أهالي النوبة”. وكان أهالي القرية قد ساهموا في الشهور الماضية في إنقاذ عدد من سيارات النقل التي تمر من المنطقة محملة بالخضروات والفاكهة ومختلف المواد الغذائية، بعد تعرضهم لحوادث مختلفة بحسب بحر.

ورغم قسوة حرارة الشمس وصيام الجميع، لكنهم واصلوا العمل لليوم الثاني على التوالي، وعند غروب الشمس خرج عليهم رجال القرية محملين بموائد ممتلئة بالطعام من أجل الإفطار.

ويقول جمال بينما يوزع الطعام على ضيوفهم من خارج القرية:” توارثنا الأمانة والكرم عن أجدادنا، تعلمنا ذلك من الأجيال السابقة، ونرجو أن يعي أهميته الجيل الجديد”.

صحيفة الإنتباهة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة عشر + ثلاثة عشر =