محمد عبدالماجد : سريحة تجمّع المهنيين

الخرطوم : عين السودان

(1)
قلت كثيراً ان هناك مشاكل كثيرة في حكومة حمدوك – ولكن النظر الى تلك المشاكل بعيداً عن المشاكل الاخرى هو اخطر انواع المشاكل التى نعاني منها ، والتى يرجع اليها السبب في ذلك التقهقر والانحسار.
هناك مشاكل لا حصر لها ولا عدد في (الاحزاب السودانية)..اليسارية منها واليمينية انعكس ذلك بوضوح على (الحرية والتغيير) التى اصبحت كالأسرة التى ينتظر افرادها توزيع (الورثة) بعد وفاة (الاب) والكل ينظر الى (البيت الكبير).
هناك مشاكل (عميقة) في (الاعلام) ومشاكل (متجذرة) في (تجمّع المهنيين) والذي كان يتعامل معه الجميع في الحراك الثوري من منطلق (تجمّع المهنيين يمثلني) فأصبح الآن (تجمّع المهنيين يمثّل بنا).
من المفارقات ان تجمّع المهنيين لم يعد يمثل حتى نفسه!!.
تجمع المهنيين الآن يعكس صورتنا الحقيقية المتمثلة في الخلافات والصراعات والتشرذم والشتات..اصبح التجمع يمثلني بتلك (الخلافات) ولا حول ولا قوة لتجمع المهنيين غير (بيانات) يحاول ان يتجمّل بها فيزيد تشويه صورته بها.
هذه اللغة الاستعلائية والإنشائية التى يصدر بها تجمّع المهنيين (بياناته) لا بطولة فيها.
تجمّع المهنيين الآن لم يعد يملك تلك القوة التى يتحدث بها – هو في نفسه يعاني من (الانقسامات) ، ولا اعرف كيف للتجمّع ان يكون فيه ذلك العدد الكبير من الاقسام (المهنية) المتعددة لقسم واحد…الاطباء والصيادلة وكل الافرع الصحية تشارك في التجمع بكتل مختلفة، لم تعرف الاتفاق حتى في اطارها الخاص هل يمكن لها الاتفاق في الاطار العام؟.
(2)
جدنا الذي يتوسد التراب الآن كان يحكي عنه – ان احد احفاده (الفضل ود العسم) كان يدخل ويخرج ثم يجلس ويقف ويعود لينتفض ثائراً ثم يجلس مع والده ليخبره عن عزمه على (الزواج)، يعود بعد ذلك ليخبره عن تفكيره في (السفر) للخارج والتخلي عن احلامه العاطفية، حتى اذا شرب (شاي المغرب) ،قال لوالده انه يريد ان يدخل للكلية الحربية، بعدها والأسرة مجتمعة لتناول (وجبة العشاء) والذي يكون دائما (فطير بلبن) يعلن (الفضل ود العسم) عن عزمه إكمال دراسته وصرف النظر عن كل المشاريع التى كان قد اعلن عنها من قبل بما في ذلك الدخول للكلية الحربية. والده كان عندما يجده متنازعاً كهذا يقوم لينتفض فيه هائجاً، ليجره جدنا من (جلبابه) وهو يجلسه الى جواره في (عنقريب) مهلهل ثم يقول له : (الفضل خليه رايح ليه درب).
وأظن اني الآن في حاجة الى ان اعيد عبارة جدي نفسها وأقول عن تجمّع المهنيين السودانيين (التجمّع رايح ليه درب).
(3)
نعى محمد ناجي الاصم تجمّع المهنيين عندما كان في قمة مجده ، واستقال عن سكرتاريته وسببها بعد ذلك بفشلهم في التجمّع بعد اسقاط نظام الانقاذ. تجلت الصورة اكثر في ذلك الفشل عندما تصارع اهل تجمّع المهنيين عن (صفحة التجمّع) في الفيس بوك في يوم مشهود (30 يونيو 2020) خرج فيه الشعب السوداني في كل مدن السودان يطالب بتصحيح المسار، عدا تجمّع المهنيين الذي خرجت سكرتارياته تطالب باعادة (الصفحة)، وقد وصلوا في صراعهم الداخلي هذا الى (المحاكم).
تصارعوا في (العلن) و (الجهر) عن الرقم (السري) لصفحة تجمّع المهنيين. هل يمكن بعد هذا ان يحدثنا تجمّع المهنيين عن الحوار والحريات والقيم والمبادئ وهو فاقد لها؟.
جاء في بيان تجمّع المهنيين السودانيين الذي اعلن فيه انسحابه من كل هياكل الحرية والتغيير بشكلها الحالي (في ظل هذا الضعف واختلال التركيب، وقبله التخلي عن بنود إعلان الحرية والتغيير، أصبح لزامًا علينا أن نقف لنراجع موقفنا كله ونقول كلمتنا لأجل الوطن والتاريخ، سيما وقد ثبت في كل المناسبات غياب الإرادة والرغبة الذاتية لدى المجلس المركزي لقوى إعلان الحرية والتغيير، الذي يقيّده تضارب المصالح).
ونحن نقول ان هذه المشاكل التى يتحدث عنها تجمّع المهنيين في (الحرية والتغيير) هي نفسها المشاكل التى يعاني منها (تجمّع المهنيين)…يحتاج التجمّع الى تلك المراجعات والاصلاحات التى يتحدث عنها قبل (الحرية والتغيير).
يقول بيان تجمّع المهنيين : (اتسم أداء قوى الحرية والتغيير، منذ أبريل ٢٠١٩، بالارتباك وتغليب المصالح الضيقة وتقديم الاعتبارات التكتيكية على المصالح الاستراتيجية الكبرى) وهو ما ينطبق تماماً على (تجمّع المهنيين) الذي عانى من (ارتباك) اكثر من ذلك (الارتباك) الذي يتحدث عنه في (الحرية والتغيير).
الشيء الذي لم افهمه ولا اعرف كيف حلله تجمّع المهنيين لنفسه ان بيانه الذي اعلن فيه انسحابه من كل هياكل الحرية والتغيير جاء فيه ايضاً بهذا التناقض العجيب : (تنظيم تجمّع المهنيين لمؤتمر عاجل للقوى الثورية الموقعة على الإعلان وخارجه، للتباحث حول إعادة بناء وهيكلة الحرية والتغيير لتصبح معبّرةً عن القوى صاحبة المصلحة في حماية مكتسبات ثورة ديسمبر والبناء عليها، فالإعلان، في المنتهى والبدء، ملك للشعب السوداني وجماهيره الثائرة).
كان الأجدى ان يُنظم ذلك المؤتمر حول اعادة بناء وهيكلة الحرية والتعيير وتجمّع المهنيين جزء من (الحرية والتغيير) وغير منسحب من هياكلها..ان تفعل ذلك من الداخل وأنت تمارس نشاطك التنظيمي داخل (الحرية والتغيير) افضل من ان تمارسه وأنت منسحب من هياكل الحرية والتغيير. تجمّع المهنيين يسير على درب الصادق المهدي الذي سبق ان جمّد عضويته في (الحرية والتغيير) واعترض على ذلك تجمّع المهنيين نفسه.
(4)
بغم /
آن الاوان ان يسدل تجمّع المهنيين السودانيين (الستار) على نفسه درءاً للفضائح وكشف الحال.

صحيفة الانتباهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة × 5 =