الخرطوم تحبس أنفاسها بانتظار «مليونيات التصحيح»

الخرطوم: عين السودان

أعلنت الحكومة السودانية رسمياً، توقيف عدد من قادة نظام الإنقاذ المعزول، كانوا يدعون إلى التجمهر من أجل تقويض «الثورة»، في الوقت الذي شدّدت فيه قوات الأمن إجراءات استباقية لمواكب دعا إليها النشطاء اليوم، ونشرت قوات وآليات عسكرية في وسط العاصمة الخرطوم، وأغلقت الجسور الرابطة بين مدن العاصمة، والمعابر مع الولايات.

ونقلت قناة «العربية» عن عضو مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول شمس الدين الكباشي أمس، إن السطات اعتقلت عدداً من أنصار النظام السابق، وتواصل اعتقال آخرين، وقال الكباشي: «الاعتقالات مستمرة، ونملك معلومات عن جهات تخطط لإجهاض ثورة 30 يونيو (حزيران)».

وقال وزير الثقافة والإعلام فيصل محمد صالح، المتحدث باسم الحكومة، في بيان أمس، إن قوة مشتركة من الاستخبارات العسكرية وجهاز المخابرات العامة، ألقت القبض على 9 من المنتمين لحزب المؤتمر والوطني والحركة الإسلامية المحلولين، منذ 18 يونيو الحالي. وأوضح بيان صالح أن المجموعة كانت تنسق للقيام بتحركات معادية يوم الأحد الماضي، وأبرزهم عبد القادر محمد زين أمين الحركة الإسلامية بالخرطوم، واللواء معاش عمر نمر معتمد الخرطوم السابق وآخرون.

ونفى الكباشي أن يكون الدافع لفرض إجراءات أمنية وإغلاق الطرق المؤدية للقيادة العامة للجيش، هو الخوف من «انقلاب عسكري»، في وقت تناقلت فيه وسائط محلية معلومات عن اعتقالات وسط أنصار النظام القديم الذين يشنون حملات تحريض ضد الحكومة الانتقالية، وإخلاء وسط الخرطوم من المقيمين في الشقق السكنية.

ويتهم الشارع السوداني الحكومة الانتقالية المدنية بالفشل في تحقيق أهداف ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018، وعدم تحقيق أهدافها من «الحرية والسلام والعدالة»، وهو ما دفع نشطاء لجان المقاومة لتحدي الحظر الصحي المفروض بسبب جائحة كورونا، والدعوة إلى تنظيم مواكب مليونية بمناسبة ذكرى 30 يونيو الأولى.

بيد أن الكباشي أعلن تحمّل مكونات الحكومة كافة المسؤولية عن هذا الفشل، بما فيهم المكوّن العسكري، وقال: «الفترة الانتقالية محسوبة علينا جميعاً». في ذات الوقت، أكد أن القوات المسلحة حريصة على تحقيق أهداف الثورة، وأن مكونات الحكم تعمل بتناغم. ونفى ما يشاع بأن العسكريين في الحكومة يسعون لاستقطاب «مكونات بعينها داخل قوى إعلان الحرية والتغيير».
وحذّر الكباشي جهات لم يسمها، وقال إنها تحاول إثارة وزرع الفتن داخل مكونات القوات المسلحة. وبرغم عدم تسمية هذه الجهات، فقد ضجّت مجموعات محسوبة على الإسلاميين في مواقع التواصل الاجتماعي تطالب العسكريين بإسقاط حكومة رئيس الوزراء الانتقالي عبد الله حمدوك، وتسلم السلطة، وتكوين حكومة كفاءات انتقالية جديدة.

وفي تعليقه على المواكب المليونية التي دعت لها لجان المقاومة وبعض أحزاب وتنظيمات قوى إعلان الحرية والتغيير، تحت ذريعة «تصحيح مسار الثورة»، قال الكباشي إن مطالب الثوار مشروعة.
وكان عضو مجلس السيادة الفريق أول ياسر العوض صرّح عقب اجتماع بين مكونات الحكم الثلاثة (الحرية والتغيير، ومجلس الوزراء، والمجلس السيادي)، أن القوات المسلحة بمختلف أفرعها تحت خدمة الشعب، وأنها ستعمل على حماية المواكب السلمية. ونقلت تقارير صحافية أن سلطات الأمن ضبطت «خلايا» تخطط لعمليات عنف في احتجاجات اليوم. ونسبت «سودان تربيون» إلى مصادر شرطية، أن قوات الشرطة والجهات العدلية ضبطت خلايا تابعة للإسلاميين، تخطط لأعمال عنف في مليونية 30 يونيو.
وقبلها، أعلن حاكم الخرطوم رئيس لجنة الأمن في الولاية يوسف آدم الضي، أول من أمس، خطة تأمينية من عدة محاور، لمواجهة من أطلق عليهم «المتربصين والمندسين»، وتتضمن إغلاق الجسور بشكل كامل أمام السيارات والمارة دون استثناء يومي 29 و30 يونيو الحالي.

وتضمنت القرارات إغلاق الأسواق والمحال التجارية حتى لا تكون عرضة للاستهداف، ووقف تراخيص المرور، وتأمين المواد التموينية، ومرافقة وكلاء النيابة للقوات لاتخاذ إجراءات ميدانية بمواجهة المتفلتين، والحفاظ على سلمية المواكب.

ودعا الضي المواطنين إلى عدم التعدي على المقارّ الحكومية وممتلكات المواطنين، وعدم الاقتراب من المواقع والمناطق العسكرية، وإلى اليقظة والحذر والتبليغ الفوري عن المندسين وإبلاغ القوات النظامية، وإلى عدم الدخول معهم في مواجهات مباشرة، لإفشال مخططهم الرامي لجرّ الاحتفالات إلى «مستنقع العنف».

وينتظر أن تشهد مدن العاصمة الثلاث (الخرطوم، والخرطوم بحري، وأم درمان) مواكب مليونية نهار اليوم (الثلاثاء)، بمناسبة ذكرى يوم 30 يونيو، للمطالبة بتصحيح مسار الثورة، وإكمال هياكل الحكم الانتقالي، بتعيين الولاة المدنيين وتشكيل المجلس التشريعي الانتقالي، وتحقيق السلام.
وشهدت الخرطوم ومدن السودان في 30 يونيو 2019 مواكب مليونية، أعقبت جريمة فض الاعتصام أمام القيادة العامة، ما أجبر قادة المجلس العسكري الانتقالي على العودة لمائدة التفاوض، بعد أن أعلنوا وقف التفاوض مع «قوى إعلان الحرية والتغيير»، وكانت نتيجة ذلك أن توصل الأطراف لاتفاق على تقاسم السلطة في البلاد، وفقاً للوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة عشر − خمسة عشر =