الخرطوم : عين السودان

الصراع التاريخي بين اليمين واليسار و بين الحكومات والمعارضات ، هو صراع لم يخرج منه مجروحاً ونازفاً و موشكاً علي الهلاك إلا البني آدم السوداني الذي ظل وعلى طول السنوات الماضية يدفع الفاتورة و يسدد الرصيد، ثم يصنع مواقف التصحيح التاريخية .
لكن للأسف تعود للواجهة ذات التابلوهات السياسية التقليدية والمعروفة ، و يعود الصراع من جديد، والدليل علي ذلك أن الإنقاذ وطوال سنواتها لم تكن تسمع سوى نفسها، ولم تمنح الفرصة إلا لتيار اليمين المؤيد لها فاختل ميزان العدالة ، واختلت مقابيس الحرية ولم تعد الفرص متاحة ومبذولة الا لبني كوز و جلس بقية الشعب السوداني في مقاعد المتفرجين بأحلام مؤجلة وآمال معطلة . وتمكن اهل الإنقاذ وسرحوا ومرحوا وشبعوا من شجرة التفاح المحرمة حتي أخرجتهم من جنة الحكم إلى خارج اللعبة، وبخسائر كبيرة سيدفعون فاتورتها لسنوات طويلة قادمة.
وقدكان المفروض والمأمول ان يتغير الحال وتتبدل المفاهيم بعد ثورة ديسمبر العظيمة، ويعود السودان الي كل السودانيين وتنتشر قيم العدالة والمساواة التي كانت شعار الثورة التي هي ليست ماركة مسجلة لحزب ولا كيان ولاطائفة ، هي صنيعة أهل السودان كافة وشبابه الحر الذي لايعرف يمين و لايسار (ولا بين بين) ، وقد صنعوا الثوره ليحققوا الشعارات التي توافقوا عليها وتنادوا لها .
لكن يافرحة ما تمت فهاهي قوى الحرية والتغيير تعيد ذات السيناريو، وتلعب ذات الدور ، وتصيبهم لعنة الحكم ولعبة الكراسي، وفجأة اصبحوا حكاماً بذات جينات من سبقوهم تهافتاً على المناصب، محاصصة وانحياز لأهل الأيدلوجيا والفكرة الواحدة والحزب . و ضاعت الشعارات وأصبحت طشاش وفي طريقها للذوبان لندخل من جديد دائرة الجحيم، ويصبح الكيزان والقحاتة هم (طرة و كتابة) في كل الألعاب .. وكل المواسم .. وبالتالي لا أمل من التغيير ولابارقة ضوء في الأفق القريب .
وخلوني أقول وأعلن فجيعتي في المكون المدني الحاكم الذي تدور اهتماماته في التبديلات والتحويلات داخل تجمع المهنيين ويهتم من يهتم فيه ليجد الوقت لإصدار البيانات والتوضيحات الهامشية لموضوعات هامشية، في الوقت الذي ينزف فيه الجسد السوداني شرقاً وغرباً وعشرات السودانيين يموتون في كارثة بمعني الكلمة تهدد استقرار البلاد وأمنها ومستقبلها .
بالله عليكم .. كيف تصبح دماء أهل السودان (نمرة اتنين) في الإهتمام ، لأن الاهم الآن عند القحاتة عدم إقالة وزير صحتهم ، فإقالته بالنسبة لهم خسارة سياسية أفظع وأكبر وأعظم من خسارة العشرات من أرواح الغُبش العُزل !!
طيب شنو فرقكم من الكيزان والدم السوداني عندكم لايرقى إلى درجة الاهتمام والتحفز واتخاذ أقصي درجات الحذر والانتباه .
لكن يبدو أن قدرنا وقدر شعبنا اننا سنتحمل أخطاء وأطماع النخب السياسية التي وهي بعيداً عن كراسي الحكم رسالية المقاصد و وطنية الدوافع ، وما أن تأتيها فرصة الحكم إلا وتصبح أنانية جشعة كافرة بالشعارات والمبادئ ، وعندها كل في سوق السياسة رخيص ..و بلا ثمن ، حتي لو كان دم الشهداء الكرام الذين غسلوا عار الخنوع والخضوع بدمائهم الذكية و أصحى ياترس .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × 5 =