الطيب مصطفى : بين عدالة لجنة ازالة التمكين وحفنة تراب عادل الباز!

الخرطوم : عين السودان

بالرغم من انه من امتع ما قرأت فقد ابكتني العبارة التالية من مقال الاخ عادل الباز ، ذلك أنها ارتني نوعا جديدا من البر لا يأتي به الا امثال ذلك المرهف الحس والفعال ، فضلا عن أنها ذكرتني بامي الحبيبة رحمها الله وجعل الجنة مستقرها ومأواها.
قال عادل :
(عندما قررت الخروج من البلاد ذهبت الى مقابر بري وحملت معي حفنة تراب من قبر أمي (نفيسة) رحمة الله عليها ثم غادرت وكان ذلك هو كل ما املكه من تراب الوطن)
ثم إني رأيت أن التقط من مقال عادل عبارة أخرى تحكي عن انموذج من الظلم لطالما تكرر
في زمن القحط الذي لم يشهد السودان له مثيلا منذ الاستقلال.
فقد كتب عادل عن آخر التعديلات التي ادخلت على قانون ازالة التمكين الذي جرد كل منظومة العدالة من اختصاصاتها بما في ذلك النيابة والقضاء بل والتحري السابق للنيابة واستشهد بمادة واحدة هي : 14 (1) (د) المتعلقة بالجرائم والعقوبات حيث جاء في الفقرة (د) ما يلي : ( يعد مرتكباً جريمة كل من يعتدي أو يضايق أو يهدد أو يسيء لأي من أعضاء اللجنة أو اللجان الفرعية أو اللجان الولائية أو العاملين بها والمتعاونين معها أو أياً من المبلغين والشهود والخبراء بسبب ما قام به من أفعال أو ما أدلي به من أقوال للكشف عن أي وقائع تكون خاضعة لأحكام هذا القانون أو منعه من القيام بذلك.) هذه هي المادة ولكن ماهي عقوبة من يرتكب أياً من الأفعال أعلاه ؟ يقول القانون (ويعاقب كل من يرتكب جريمة بموجب أحكام البند (١) بالسجن لمدة لا تتجاوز عشر سنوات و بالغرامة ، كما يجوز للمحكمة الأمر بمصادرة أي أموال أو عائدات.).. ذلك يعنى بالعربى الفصيح إذا أنت ضايقت أو أسأت أو زعلت أي واحد من أباطرة اللجنة أو المتعاونين معهم فى الخرطوم أو فى أي ولاية أو أي محلية فى السودان ستعرض نفسك لعقوبة مدتها عشر سنوات .. ليس هذا فحسب بل يجوز للمحكمة مصادرة ممتلكاتك!!.
شفتوا كيف .. شفتوا ثوار الحرية والعدالة.؟ اريتم حرية التعبير تنتهك حرية التعبير واليوم هو اليوم العالمى للصحافة؟!
يعنى الآن إذا أحس السيد مناع أن هذا المقال يضايقه او يسئ اليه يمكنه أن يرفع ضدي دعوى لتقبض عليّ النيابة ، ويمكن أن تحكم علي المحكمة بعشر سنوات سجن!! يادينى أنا .!!.ياخي دى لجنة عينة….. فهي التي تتهمك وتصادرك وتشهر بك وتنفذ فيك أحكامها وإذا أحسست بظلمها، عليك أن تستأنف عند لجنة عمنا صديق يوسف ثم وبعد خراب سوبا يمكن أن تذهب للقضاء، والآن فى التعديل الجديد إذا تجرأت و (ضايقت) أي عضو من أعضائها بالقول أو بالفعل أو بالكتابة يمكن أن تقضي عشر أعوام في السجن، الحق الوحيد الذي تمنحه لك هذه اللجنة هو حق الصراخ ، وهذه يشكر عليها صديقنا ود الفكى!
و إزاء الوضع أعلاه أنصح زملائي الصحفيين وكتاب الأعمدة بعدم التعرض أو التعريض أو مضايقة السادة أعضاء لجنة التفكيك فهؤلاء محصنون وقراراتهم وشخوصهم فوق الوثيقة الدستورية، بل هم فوق سيد الخلق أجمعين الذى ضايقه الكفار وآذوه ولعنوه ولكنه لم يحكم على خصومه بعشر سنوات مما تعدون !!.سبحان الله….. الذين انتظرناهم ليطلقوا سراح صحفنا وأقلامنا صفّدونا.!!
اقول للأخ عادل إني لأ أعجب البتة للقحاطة في مجلس الوزراء او المجلس السيادي الذين اجازوا هذه القوانين الظالمة التي انكرها كبار قانونييهم امثال نبيل اديب وسيف الدولة حمدنا الله ، فهؤلاء القحاطة لا خلاق لهم ولا يؤمنون بوعيد ربهم :(وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱللَّهَ غَـٰفِلًا عَمَّا یَعۡمَلُ ٱلظَّـٰلِمُونَۚ إِنَّمَا یُؤَخِّرُهُمۡ لِیَوۡمࣲ تَشۡخَصُ فِیهِ ٱلۡأَبۡصَـٰرُ) فضلا عن انهم لا يأبهون لشعارات الثورة التي اختطفوها واغتصبوها في وضح النهار ، انما اعجب لعسكريي المجلس السيادي _ خاصة رئيسه ونائبه _ والذين لا اظنهم يحملون في صدورهم تلك الضغائن والمرارات والرغبة العارمة في التشفي والانتقام التي تمتلئ بها قلوب بني قحطان ، بل إني لأستغرب اكثر لرئيس اللجنة ياسر العطا الذي يسوقه هؤلاء الحاقدون لتصفية خصوماتهم واحقادهم بالرغم من أنه لا ناقة له ولا جمل في ذلك بما يجعله يبيع آخرته بدنيا غيره ويدفع ثمنا باهظا بالمجان ، رغم أنه وغيره يرون الموت يتخطف الناس كل حين من حولهم وهم في غفلة ساهون ، وربما يقرؤون الآية المزمجرة : (أَوَلَا یَرَوۡنَ أَنَّهُمۡ یُفۡتَنُونَ فِی كُلِّ عَامࣲ مَّرَّةً أَوۡ مَرَّتَیۡنِ ثُمَّ لَا یَتُوبُونَ وَلَا هُمۡ یَذَّكَّرُونَ) صدق الله العظيم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة عشر − 2 =