صلاح مناع : التقيت الرئيس المخلوع ونفى معرفته بالفساد

الخرطوم : عين السودان

ــ هذه حقيقة، فبسبب روح العصبية فإن البعض من ابناء القبائل بالمهجر يعملون على اذكاء نيران الفتنة القبلية عبر اثارة خطاب الكراهية بشكل قبيح عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهؤلاء رغم انهم قلة بحسبان ان السودانيين في المهجر يتمتعون بوعي وحب لهذا الوطن، الا انهم يعلمون على بث الكراهية بدلاً من نشر التوعية ونبذ العنصرية التي لا يمكنها ان تساعد في بناء دولة، ولنا في تجربة الرسول صلى الله عليه وسلم اسوة حسنة عندما اراد تأسيس دولة المدنية، حيث عمل على انهاء القبلية والعصبية، وبعد ذلك وصلت رسالته الى كل العالم.
]الا تعتقد ان البناء في ظل تفشي روح الكراهية يعد امراً شائكاً؟
ــ لا.. ليس شائكاً، وتأكيدي بل وثقتي تعود الى ان السودان أسسه الاجداد والآباء بشكل جيد على الصعيد الاجتماعي، ولكن حدث الشرخ في عهد النظام البائد، واذا اردنا اعادة الاوضاع الى ما كانت عليه حينما كان تقييم الانسان باخلاقه وكسبه وليس لونه وقبيلته، علينا ان ننتهز فرصة الفترة الانتقالية لعلاج الامراض التي تفشت في عهد الانقاذ، واذا فعلنا ذلك يمكننا تأسيس منصة حقيقية للانطلاق الى الامام، ولكن لا بد من توفر الاشتراطات المطلوبة لتحقيق هذا الهدف، وابرزها معرفة كل مواطن حقوقه وواجباته، بالاضافة الى وجود عقوبات رادعة جدا لايقاف العنصرية التي اعتبرها الداء الحقيقي الذي ينخر في جسد الدولة السودانية، وعلينا الغاء كل ما له صلة بالقبيلة في مستندات الدولة الرسمية، وان تكون المواطنة هي الاساس.
 هل تعتقد ان القوانين الرادعة وحدها كفيلة بانهاء داء التفرقة والعنصرية؟
ــ نعم لها تأثير كبير، ولا اقول انها وحدها التي تعتبر السبيل الى الخروج من مستنقع العنصرية والقبلية، بل تعد اداة مهمة، لأن ما لا يؤخذ بالقرآن يؤخذ بالسلطان، وبخلاف ذلك لا بد من محاربة الفساد بكافة اشكاله، بالاضافة الى احداث توازن تنموي بين كل اقاليم السودان لتحسين اوضاع المواطنين.
 عفواً دكتور.. صراعات (قحت)، التجاذبات بين المدنيين والعسكر وضعف الحكومة، ثلاثة عوامل يرى البعض انها تهزم الفترة الانتقالية وكل ما اشرت اليه آنفاً؟
ــ هذا غير صحيح، نعم الضعف موجود في كل اجهزة الدولة، ولكن هذا لا يعني ان الدولة غير موجودة، ومن المعروف اننا في فترة انتقالية جاءت عقب نظام شمولي حكم البلاد ثلاثين عاماً، لذا فإن تحسن اداء جهاز الدولة يأتي بالتدرج مرحلة تلو الاخرى لوجود مقاومة عطفا على نقص في الكفاءات، والسبب في ذلك يعود الى ان النظام البائد افرغ الخدمة المدنية من الكفاءات وعمل على تجريفها، ولبناء دولة لا بد من ملء الفراغات، فنحن في مرحلة تأسيس، وهذه حقيقة علينا جميعاً ان نضعها في الحسبان .
]لهذا التأسيس انعكاسات قاسية على المواطن الذي صبر قبل وبعد الانقاذ؟
ــ نعم ندرك حقيقة صبره الطويل، ولكن هذه هي طبيعة الاشياء، فإن اردنا بناء دولة حقيقية علينا ان نعمل ونصبر في ذات الوقت حتى نتمكن من حصاد نتائج جهدنا، والتأسيس والصبر عليه قاد الكثير من الدول الى التطور والتقدم، وهذا حدث في المانيا واليابان اللتين خرجتا من حروب وقتل، ولكن تمكنتا من البناء، ونحن الآن في طريقنا الى توقيع السلام، وهذا يعني ان بلادنا امام واقع جديد يعتبر من عوامل التطور .
]يوجد من تتملكه قناعة باستحالة بناء الدولة في ظل وضع المكون العسكري المتاريس امام المدنيين؟
ــ اختلف مع اصحاب هذا الرأي، لأن الحقيقة تؤكد ان العسكر متعاونون الى ابعد مدى مع المدنيين، بل هم مشفقون اكثر على البلاد، وحديثي هذا ليس تجملاً بل حقيقة نعرفها نحن جيداً، فالعسكر يريدون أن يشاركوا في بناء السودان لذا يتعاملون معنا بكل شفافية وتجرد، وربما البعض له آراء وملاحظات وهذا شيء طبيعي، فالتباين في وجهات النظر من سنن الله في الكون، لذا لا بد من تطوير شراكة المدنيين والعسكر وتجويدها أكثر، وهذا يتم عبر الشفافية والجهد المشترك الذي يسهم في رسم خريطة طريق واضحة ذات اهداف محددة في الفترة الانتقالية.
 الاهداف مرسومة لكن لم يتم تنزيلها حتى الآن، حيث يشوب البطء الاداء الحكومي؟
ــ المرحلة الانتقالية وحتى تبلغ نهايتها لا بد من ان تكون أهدافها واضحة وان نعمل على انزالها على ارض الواقع، وبالتأكيد فإن السلام يعد اولوية وهدفاً استراتيجياً لا بد ان يتحقق، وكذلك لا بد من تشكيل الحكومة بشكل جديد يخاطب كل الناس، لأن وجود جهاز تنفيذي قوي على الارض يسهم في تسريع وتيرة تنفيذ الاهداف، والتحرك وسط المواطنين وليس المكاتب الوثيرة من ابرز عوامل نجاح المسؤول.
 هل يعقل ان تستعصي قضايا تعد بسيطة مثل ازمة المواصلات والخبز على الحكومة؟
ــ هي قضايا حقيقية لا يمكن انكارها وتمثل هاجساً للحكومة بطبيعة الحال وتسعى لايجاد حلول لها، واعتقد ان ازمة المواصلات وغلاء المعيشة من القضايا التي تحتاج الى معالجات سريعة وفورية حتى يشعر المواطن بوجود جهود ملموسة لتغيير واقعه نحو الافضل، وفي تقديري ان اللجنة الاقتصادية للطوارئ نجحت في اداء ادوار مقدرة اسهمت في ايجاد حلول لعدد من المشكلات، وعلى رأسها الوقود الذي وضعت له حلولاً نهائية تشي بانتفاء ازماته مستقبلاً وكذلك القمح، ورغم ذلك فإن التغيير مسؤولية كل سوداني، لأن حماية هذه الدولة وتطورها لا يمكن حدوثه دون اخلاصنا وتجردنا وعملنا على هزيمة الثورة المضادة والمفسدين، ولا بد من التنسيق بين كافة الاجهزة.
]مجددا فإن طريقة اداء الحكومة تعد بطيئة ولا تواكب المستجدات والمطلوبات؟
ــ نعم يشوبها بطء، وهذه النقطة السلبية تحتاج الى معالجة حتى يأتي الايقاع في المرحلة القادمة سريعاً ومستجيباً لكل ما هو طارئ، ولحدوث هذا لا بد من الاستفادة من التجربة الحالية واخضاعها للتحليل لاستلهام الدورس منها، فالأمم التي تريد النهوض تعمل دائماً على مراجعة خطاها لتعرف اين تضع قدمها في خطوتها التالية .
] على الصعيد الشخصي فإن البعض يعتبرك بطلاً في كشف فساد الانقاذ، بيد ان آخرين يوجهون ناحيتك انتقادات منها انك جمعت ثروتك في عهد الانقاذ؟
ــ يوجد مثل سوداني شائع يقول (المافيهو قول ما زول)، وفي كل الاحوال فإن الناس تتحدث وتنتقد، هكذا نحن السودانيين، كل شخص منا يريد ان يكون في المقدمة، وبصفة عامة فإن تباين الآراء من متلازمات الديمقراطية التي نتفيأ ظلالها حالياً، ومن يشيد بادائي في لجنة التمكين اتمنى ان اكون على قدر ثقته، ومن ينتقدني فإنه يمارس حقاً كفلته الثورة، اما من يتهمني فايضاً أجد له المبرر لجهة انني اعمل في ملفات شائكة، ودائماً الناس تختلف في ما لا يقال، ولانني اقول ما لا يقال فإن البعض يسعى الى ايقاف مسيرتي مع زملائي في لجنة التفكيك، وكل ما نتعرض له عمل منظم من الثورة المضادة، ولكن نؤكد انه لن ينال من عزيمتنا ولن يكسر ارادتنا .
]رغم اننا اخترنا ان يكون حوارنا بعيداً عن ملف الفساد وعمل اللجنة، لكن دعنا نسأل عن اغرب قضية فساد قابلتكم؟
ــ كل قضايا الفساد تعد غريبة، لان استباحة المال العام في عهد النظام البائد حدثت بشكل بالفعل يدعو الانسان للتعجب والدهشة، واعتقد ان من اغرب ما حملته ملفات الفساد الانقاذية تصرفات الرئيس المخلوع واسرته، لأنه لا يمكن لرئيس دولة ان يرتكب مثل ما ارتكبه البشير في وطنه ورعاياه.
]علمت انك التقيته شخصياً وسألته عن هذا الفساد فماذا قال لك؟
ــ نعم التقيته وسألته عن هذا الكم الهائل من الفساد فقال انه لم يكن يعرف الذي حدث، واعتقد ان الحساب الخاص للرئيس المعزول يعتبر من أغرب الجرائم، لأنه كان يتصرف بصورة فردية في اموال طائلة، وهذه الجريمة مثبتة بالمستندات الرسمية، وكانت اجهزة الدولة في عهده تعرف ان هذه جريمة فادحة، ولكن لم تكن تملك الجرأة للحديث علناً عنها، ونحن لم نفعل شيئاً سوى اننا قلنا الذي كان يستعصي قوله على اجهزة الدولة في عهد المخلوع.
]ما هي حكاية التقارير التي كتبها اسلاميون في العهد المباد عن مدير منظمة اسلامي ووصفته بأنه افسد امين عام لمنظمة اسلامية؟
ــ للأسف فإن اكبر وافدح وافظع واشنع جرائم الفساد شهدتها المنظمات التي كانت تنهب المال العام باسم الدين، وفسادها لم نكتشفه نحن، بل بعض من منسوبي هذه المنظمات عبر تقارير حرروها هم في عهد الانقاذ، وصفوا فيها امين عام لمنظمة الدعوة الاسلامية بانه افسد أمين عام، وهذا باعترافاتهم التي جاءت ضمن تقاريرهم التي اطلعنا عليها، لذا فإن المشروع الحضاري كان اكبر اكذوبة في التاريخ، واكتشفنا انه كان مشروع نهب وتدمير للدولة السودانية.
 التقيت بعدد من المتهمين في قضايا الفساد، هل لمستم منهم احساساً بالندم وتأنيب الضمير؟
ــ لا.. وللمفارقة فإنهم يعتقدون
انهم لم يفسدوا ولم يرتكبوا اخطاءً، وهؤلاء تنطبق عليهم القاعدة التي تقول: اذا كان خطأ فكرره حتى يصبح صحيحاً، لذا فإن تكرار الاخطاء في عهدهم تحول بمرور الوقت الى امر صحيح، واعتقد ان طول امدهم في الحكم امات ضمائرهم، بل شعرنا بأنهم اذا اتيحت لهم الفرصة مجدداً فإنهم سيكررون ذات فسادهم .
] يوجد من يشكك في لجنة التفكيك خاصة في ما يتعلق برجال الاعمال مثل اسامة داؤود، معاوية البرير ووجدي ميرغني، الذين دارت حولهم شبهات فساد لكن لم تطلهم يد اللجنة حتى الآن؟
ــ توجد ملفات تم تحويلها لجهات قانونية واخرى للنيابة، واكتفي بالقول رداً على اتهامك بأن لكل حدث حديث، وسيأتي الوقت الذي يرى فيه الناس هذه الملفات في المحاكم
]لماذا توقفت المؤتمرات الصحفية؟
ــ في الايام القادمة سنعاود عقدها، نعم اوقفناها خلال الفترة الماضية لاننا اصدرنا الكثير من القرارات التي فضلنا فيها ان نترك المجال واسعاً لوزارة المالية لتنفيذها عبر استلام الاصول والاموال التي تم استردادها، ويوجد الكثير من القرارات التي سنكشف عنها في الفترة القادمة بإذن الله .
 يوجد من يرشحك لمنصب رئيس الوزراء؟
ــ لم أسمع بمثل هذا الحديث.
] أشكرك؟
ــ لكم الشكر، وتحياتي لشعبنا العظيم.

صحيفة الانتباهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرين − تسعة =