الخرطوم : عين السودان

لا ينسى اليساريون صراعهم التقليدي مع الإسلاميين منذ طردهم من البرلمان بالتضامن بين حزبي الأمة والاتحادي الأمر الذي خلق حالة احتقان سياسي وغبن عجلت بقيام انقلاب جعفر نميري الذي وقف من خلفه الحزب الشيوعي.
يختبئ الشيوعيون وراء حركات الكفاح المسلح في كاودا وجبل مرة برفض أي ارتباط للدين بالدولة لانهم يرون ان الدين هو ممارسة شخصية ليست له علاقة بالممارسة السياسية، لهذا كان بند فصل الدين عن الدولة هو جزء اساسي من مطالبهم وأدبياتهم، وهذا من الأسباب التي دفعت الجبهة الإسلامية للأنقضاض علي السلطة في الثلاثين من يونيو عندما شعرت ان الحكومة الديمقراطية تتجهة إلى الغاء القوانين الإسلامية.
وبالتالي السؤال الذي يفرض نفسه لماذا يقحم اليساريون حزبهم في هذا المأزق الحرج مع الاسلامين منذ اربعين عاماً، رغم المحاولات التي اراد فيها الاسلاميون مصالحة تيار اليسار في عهد الأنقاذ؟. يرى النائب البرلماني محمد احمد الشائب ان الشيوعين يعلموا تماماً انه ليس لديهم موطئ قدم في الساحة السياسية أو في وجدان المجتمع السوداني ذى الصبغة الأسلامية سواء من خلال الاسلام التقليدي أوالجماعات السلفية فطبيعة الحزب الشيوعي وايدولوجيته تتعارضان مع كل ذلك .
ويؤكد محمد الشائب ان الأيام القادمة حبلى بالمفاجات مع ارهاصات السلام وقد تتبلور الفكرة لرؤية ثاقبة تعالج الاحتقان التقليدي بين الأسلاميين والشيوعيين بأجراء مساومة تاريخية تحل علاقة الدين بالدولة بالشكل الذي يلبي اشواق اصحاب التيار الاسلامي وطموحات دعاة العلمانية والدولة المدنية، بحجة ان البلاد ظلت في مرحلة انتقالية لاكثر من نصف قرن من الزمن وذلك لغياب مشروع وطني يخاطب جذور الأزمة السودانية بصرف النظر عن المعتقد والجنس.
واجمع الخبراء ان القيادي بالحزب الشيوعي صديق يوسف كان له القدح المعلى والدور الكبير في صب الزيت علي النار وشيطنة الاسلاميين التابعين للمؤتمر الوطني بالكوزنة وساهم في اعداد الوثيقة الدستورية لتفكيك نظام الإنقاذ المخلوع وتطبيق نظرية ” علي وعلي اعدائي” بمعني حرق المراكب بمن فيها حتى لو أدى ذلك الى فناء الدولة السودانية.
وفي اتجاه مغاير بدأ المؤتمر الوطني يخطط من داخل السجن لمشروع النظام الخالف كبديل لجمع صف الإسلاميين على صعيد واحد بعد مرور عام من ثورة ديسمبر التي أطاحت بنظام المخلوع عمر البشير وترك تنفيذ مشروع النظام الخالف للجيل الثالث من قواعد المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي بذهنية خلخلة حكومة حمدوك قبل استكمال الفترة الأنتقالية.
ووجه رئيس المؤتمر الوطني إبراهيم غندور قبيل إعتقاله واجهات المؤتمر الوطني بالخروج من السودان في برنامج “الهجرة لله” أستعداداً لمعركة الكرامة وقطع الطريق أمام مشروع الحزب الشيوعي الذي يهدد أمن سلامة السودان بتطبيق علمانية الدولة وكنس الإسلامية تحت غطاء إزالة وتفكيك نظام الإنقاذ المخلوع بعد أختطاف ثورة ديسمبر وحكم البلاد بيد من حديد.
ويرى الخبير في الدراسات الأستراتيجية دكتور عبدالمجيد ابوماجدة أن إبراهيم غندور كان يجري اتصالات بين قواعد المؤتمر الوطني وعين نفسه رئيس المؤتمر الوطنى في تحدي لإعلان السياسي والوثيقة الدستورية وقد سلم الراية لمن يخلفه في السابع والعشرين من يونيو الماضي قبل اعتقاله، بقوله كل حزب يصرخ بأنه صاحب الرؤية الصحيحة وأخشي أن يتحول شعار حرية سلام وعدالة إلى شعار الدم قصاد الدم وما نقبل بالدية، لتكميم الأفواه بالسجن أوعبر فوهات البنادق لتفكيك المشروع الحضاري وما يجري الآن بالونة أختبار لتهيئة الرأي العام السوداني.
ويضيف الخبير ان وزير الخارجية السوداني الأسبق إبراهيم غندور حسب خبرته كرئيس لاتحاد عمال السودان لاكثر من عشرة سنوات اختار الزمان والمكان لوضع الكرة والصولجان في الملعب بقوله لن تخيفنا السجون وإعتقال كوادر الحركة الأسلامية في عالم متغير علي مدار الساعة لم ولن يوفر خبراً للجياع ووقوداً لأصحاب المركبات العامة والخاصة وان ثورة الجياع آتية لا محال لها، وان أمواج التغيير تلاطم سفينة الإنقاذ التي سارت ولا تبالي بالرياح وان الراية لم تسقط بالرغم من سقوط حكم البشير.
يقول المراقب للمشهد السوداني ان عراب الحركة الأسلامية الراحل دكتور حسن الترابي قبل وفاته كان يقول اريد ان أطمئن علي السودان قبل الممات وطرح مشروع النظام الخالف الذي خلخل المؤتمر الوطني بحوار الوثبة، أو المسمى بالحوار الوطني والذي عجز البشير تنفيذ مخرجاته في أرض الواقع واصبح القشة التي قصمت ظهر البعير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة عشر − 8 =